زعموك غيْرَ مُجدِّد الألحانِ ظَلموكَ ، بل جَهِلوكَ ، يا كرواني
قَدْ غَيَّرتْكَ وما تُغيِّرُ شاعراً عِشرونَ عاماً في طِرازِ بَيانِ
أسمعْتَني بالأمسِ ما لا عَهْدَ لي بسمَاعِهِ في غابر الألحانِ
ورَوَيْتَ لي بالأمس ما لم ترْوِهِ مِنْ نَغمةٍ وَفَصاحةٍ ومعانِ
أنا في لِسانِكَ حيثُ أَطْلَقَهُ الهَوى مَرَحاً ، وإنْ غَلَبَ السُّرورُ لساني
أنا في ضَميرِكَ حيثُ باحَ فما أرى سِرّاً يُغيِّبهُ ضَميرُ زَماني
أنا منك في القلب الصَّغير مُساجلُ خَفَقَ الرَّبيعُ بذلك الخفقان
أنا مِنْكَ في العينِ التي تَهَبُ الكَرى وتَضِنُّ بالصَّحواتِ والأشجانِ
طِر في الظلام بمهجةٍ لو صافحتْ حَجرَ الوِهادِ لَهَمَّ بالطِّيران
تُغْنيكَ عَنْ ريشِ الجناح وعَزْمَهُ فرحاتُ منطلقِ الهَوى نشوانِ
فرحاتُ دُنيا لا يُكدِّر صَفْوَها بالميْنِ غيرُ سَرائرِ الإنسانِ
علَّمْتَني بالأمسِ سِرّكَ كلَّهُ سِرَّ السَّعادةِ في الوجودِ الفاني
سِرُّ السَّعادةِ نَفْرَةٌ ومَحَبَّةٌ فيكُم تُؤَلِّفُ نافِرَ الأوزانِ
الكونُ أنتمْ في صَميمِ نظامهِ وكأنكُمْ فيه الطَّريد الجانيِ
أنتمْ سَواءٌ كالصَّديقِ وبينَكُمْ بُعْدٌ كما يَتَباعَدُ الخَصمانِ
سأعيشُ مِثْلَكَ لي وللدُّنيا مَعاً وأقولُ مِثْلَكَ كيفَ يَزْدوجانِ
وأظلُّ تَزْدَحِمُ الحياةُ بمُهجتي أبداً ويجتَنِبُ الزِّحامُ مَكاني
في عُزْلَةٍ أنا والحبيبُ تَؤُمُّنا دُنيا الجمالِ، ونَحْنُ مُنفرِدانِ
يستاهل الكروان والله القصيد