حديقة للحيوانات الأليفة في العاصمة السورية :أشهر حيواناتها فأر نانسي عجرم!
في منطقة المرجة العتيقة وسط دمشق تتجاور بضعة محال لتؤلف ما يشبه حديقة صغيرة للحيوانات الاليفة من عصافير بألوان الطيف وسلاحف وكلاب وقطط وفئران .. تكدست داخل أقفاص بأحجام وأشكال مختلفة امتزجت أصواتها مع صيحات الباعة وأبواق السيارات ما جعل المكان كله يعج بالحركة.
ويقول يوسف أبو ميسة صاحب محل في السوق «يرجع تاريخ هذا السوق إلى العهد المملوكي (القرن الثالث عشر) فقدمه بقدم أسواق دمشق، وقد أنشئ على نهر بردى ليكون بوابة لمنطقة المرجة المجاورة».
ويضيف «مر السوق بتبدلات كثيرة حتى أخذ شكله الحالي، ففي البداية كان سوقا للتبن .. ثم عرفت تجارة الحبوب طريقها إلى السوق وكذلك تجارة الماشية واللحوم. وفي كل مرة كان اسمه يتبدل تبعا لتبدل نشاطه، فمن سوق التبن إلى سوق الخيل إلى أن أصبح في العشرين عاما الاخيرة سوقا لبيع حيوانات الزينة». وفي محل مجاور يستعرض مصطفى السماك أهم أنواع الحيوانات الموجودة في السوق مشيرا إلى وجود تشكيلة واسعة من الحيوانات الاليفة وطيور الزينة.
ويقول السماك إن من الطيور هناك العصافير ومنها الكنارات والحساسين والعواشق وعصافير الجنة والببغاوات ومنها الكوري الذي قد يصل ثمنه إلى 150 دولاراً وديكة القتال ويصل ثمن الشرس منها إلى 200 دولار. ويضيف أن من أشهر الحيوانات الاليفة في السوق القطط ومنها الشيرازي المتميز بوبره الطويل والسيامي والتي تمتاز عن القطط المحلية الشرسة بهدوئها وسرعة تعودها على المكان وقدرتها على التعلم إضافة إلى السلاحف والسناجب والارانب والضفادع والفئران.
ولعل أشهر حيوان في السوق العتيقة بدمشق فأر يدعى «مستر نانسي» وهي تسمية أطلقها عليه محبو المغنية اللبنانية الاكثر إثارة نانسي عجرم عقب ظهوره معها في أغنيتها الشهيرة «يا سلام». ويضيف السماك أن عمله لا يقتصر على بيع الحيوانات بل يمتد ليشمل ترويض الشرس منها كالثعلب البري الذي «نستخدم معه الماء والتدليك لمدة ثلاثة أيام حتى يصبح أليفا كما ندرب الكلاب على الصيد والببغاوات على الكلام».
ويعتبر السماك تجارة الحيوانات الاليفة مهنة سياحية بالدرجة الاولى «يدل على ذلك كثرة السواح الذين يرتادون السوق في مثل هذا الوقت من العام وما نبيعه في السوق هو بضاعة فنية جمالية كمالية من ذلك مثلا طائر الكناري السوري المعروف بشكله الجميل وصوته الصافي والقوي».
ومع أن سمير الترك شريك في محل حجمه بحجم مصعد صغير إلا أنه يحقق دخلا معقولا جدا ويقول «قديما كانت تربية الطيور هواية تحتكرها طبقة الآغاوات والباشاوات، أما اليوم فقد أصبحت مهنة شعبية تجارية فبرأس مال صغير يستطيع المرء أن يكون لنفسه تجارته الخاصة والمربحة».
ويضيف الترك «لم تقتصر التجارة في السوق على الحيوانات الاليفة بل امتدت لتشمل التجارة باحتياجات هذه الحيوانات من طعام وأقفاص ومشارب، وفي الاونة الأخيرة بدأنا بتصنيع الاقفاص المعدنية والخشبية المزخرفة والمصّدفة لاضافة التراث الدمشقي إليها حيث تلاقي سوقا رائجة في دول المنطقة كالخليج العربي وقبرص وأسبانيا».
وأمام محل الترك، يجلس رجل عراقي مسن يدعى «أبي عمر» يبيع طيور الحمام والحجل ويجد صعوبة في التفاهم مع الزبائن لان بعض أسماء الحمام تختلف بين العراق وسوريا «فهنا مثلا طائر حمام اسمه «شخشرلي أسود» واسمه في العراق «كمرلي» كما توجد هنا أنواع لم أرها في العراق مثل الفرقاطي».
ويشير محمد الموصللي إلى أنه جعل من باحة بيته الدمشقي الواسعة مزرعة للحيوانات الاليفة ويقول «لا شيء أجمل من أن ينقل الانسان الطبيعة إلى بيته، حيث يجد سعادته بين الزواحف والطيور». ويقول الموصللي وهو من رواد السوق الدائمين إنه يرتاد السوق بانتظام لشراء المزيد من الزواحف والطيور. وكذلك يزور عماد طرابيشي السوق ليتفرج على الحيوانات ويشتري أكلا لطيوره حيث يملك سربا كبيرا من الحمام على سطح منزله ببناية في منطقة التجارة الراقية.
لكن يحيى السقا يعتبر التجارة بالحيوانات البرية الاليفة جريمة «لانها خِلقت لتعيش في الطبيعة لا لأن تِحشر داخل أقفاص لتِباع كألعاب للاطفال ثم تموت لا حقا بين أيديهم».
وحول الرعاية الصحية في السوق، يؤكد الطبيب البيطري محمد أمين هنيدي من مديرية الصحة الحيوانية بدمشق أن العيادة البيطرية ترسل مندوبين إلى السوق للتأكد من خلو الحيوانات من الامراض وهناك رقابة صارمة على استيراد الطيور خاصة من دول شرق آسيا لتفشي مرض أنفلونزا الطيور هناك.