المحاضرة الرابعة
التوافق السمكي:
لا يخفى ما تعانيه هذه الهواية من الإفتقار الشديد و النفص الواضح و التخبط الذي لا ينتهي في هذه النقطة بالذات خلاف جميع نقاط و ركائز هذه الهواية.
طبعاً التوافق السمكي يلخص بهذه العبارة هو الإنسجام التام إلى الإنسجام الشبة التام لمجموعة من الكائنات المائية ضمن إطار البيئة الحياتية المصغرة التي هي بالأساس محاكاة للطبيعة الأم.
طبعاً أغلب اللوم يقع على الباعة الذين لا يراعون ذمة في بيعهم إلا من رحم ربي فيكون هدفهم البيع و البيع فقط على حساب معاناة الأسماك و الهاوي من تربية مثلى لهذه الكائنات في محيطها الجديد.
التوافق لا يرتبط كلياً بالبيئة الأصلية للسمكة أو الكائن المائي بل يلعب دور في تحديد هوية التوافق ؛ كما أن التوافق يبنى على أسس عديدة فمنها ما يلي:
1- البيئة الأم للكائن المائي سواء أكانت سمكة أم حيوان قشري أم نبات.
2- الطبيعة الخاصة لهذا الكائن من تصرفات سيئة و جيدة و أثره في التغيرات البيئية التي يصنعها جراء تواجده في هذه البيئة.
3- درجة تأقلمه و خواصه الحياتية و أسلوب حياته من خلال التسلسل الغذائي الهرمي.
4- الطول الفعلي لهذا الكائن الذي يبنى عليه تحديد حجم الحوض و الأشكال الحياتية التي يمكن أن تتواجد معه.
طبعاً تحدثنا سابقاً على تهيئة الأحواض و ما يليها لكن تهيئة الأحواض هذا بالشكل العام بعد تحديد ما النوع الذي ستربيه و ما هو طبعه و حجمه الذي يحدد من خلاله هذا الشكل النهائي للحوض.
طبعاً نلاحظ من الأخطاء الكثيرة و الحالات اللاتوافقية و ما يؤول عليها من موت لأنواع أو فقدان السمكة لبعض زعانفها أو الخدوش أو الأمراض و خلافها. نذكر منها ما يلي:
- يحضر شخص العديد من الأنواع و يرميها في الحوض و كلما تدكس الحوض رأى فيه الحياة.
- يحضر المربي حوض منقوص لا به مقومات أي حوض هذا إن كان ما يسمى حوض هو عبارة عن علبة صغيرة لا تغني ولا تسمن من جوع.
- شخص آخر يأتي بكل ما تقع عليه عيناه متجاهلاً أن هذه الأسماك منها الشرس و منها المسالم و من النهم و منها ذا الفضلات.
- شخص في يوم و ليلة ينجز الحوض و يضع الأسماك و ما هب منها و ما طاب له نظره و لذ.
طبعاً نراعي نقاط سبق و تكلما عنها و كررناها عدة مرات:
صعود السلم لا يتم مرة واحدة بل تصعده درجة درجة؛ و هذه حال أي هواية تريدها إن لم تصعده تدريجياً لما نجحت ؛ و إن كانت الأرض التي تستند عليها سلمك للصعود مرنة و ليست صلبة وقع السلم بك و إصبت حسب درجة الإصابة.
من هنا نلاحظ نقطتان:
1- التدرج حسب كفاءتك في الهواية
2- البنية الأساسية و التأسيس للهواية قبل إقتحام لب مغامراتها.
نعود و نخوض غمار التوافق:
التوافق من أصعب المحدثات في الهواية و هو أمر حساس جداً و قليل من الهواة يعرفونه و بالأخص و أقولها المحترفين فقط من لهم الخبرة في هذه الأمور و المحترفين هنا هم الذين ربوا و يعرفون أغلبية الأنواع لا يحترفون في نوع أو أثنين فهؤلاء يسمون محترفين الصنف لا محترفين الهواية.
طبعاً هذا الجدول هو أحد الجداول البسيطة التي إنتشرت بين أوساط المربيين و يذكر بعض الأجناس منها ؛ فقد قمت بالإطلاع عليه و تعديل بعض النقاط المغلوطة فيه و ها هو أعيد طرحه لكم. للإطلاع و التفقه فيه.
نقوم هنا بالتطرق لأغلب و أشهر الأسماك التي يتعامل معها الهواة تباعاً:
- أسماك الجولد:
لطبيعة هذه الأسماك من نهم و تقليب للتربة و فضلاتها الكثيرة و نسب الأمونيا العالية التي تطلقها في الحوض تشكل خطر محدق في الأنواع الأخرى ؛كما إن سلسلة غذائها هو النباتي؛ يبعد هذه الفئة من الأسماك من تربيتها مع غيرها سواء نفس سلالتها و هما الكوي و الكارب فقط.
كما أنه لا تربى مع النباتات إلا بعض الأصناف القليلة جداً التي لا تستيغها هذه الأسماك .
لدرجة أن البليكوستومس و ما يطلق عنه المساح أو الزبال يعتبر تربيته مع هذه الأنواع مجازفة لإفتقاره قدرة تقبل نسب الأمونيا العالية و الفضلات.
لكن حتى بين هذه الفئة نلاحظ أن أسماك الببل آي Bubble Eye و رأس الأسد LionHead و التليسكوب آي Telescope Eye يفضل تربيتها لوحدها عن غيرها لحساسية أجزاء جسم هذه الأسماك إتجاه معكاسات هذا الفصيلة فيما بينها.
- أسماك الفايتر:
هذه الأسماك تعد من الأسماك الإنطوائية نوعاً ما و عدم تقبلها لأي نوع يشاركها في حياتها خصوصاً الذكور منها عكس الإناث التي يمكن تربيتها مع أنواع مسالمة أمثال التترا و الأنجل و الكوريدورس و البايوتا.
و حرصاً من شراسته لغيره من الأنواع و دفاعه عن أراضيه حتى و إن كان الحوض كبير لا تسلم منه الأسماك لذا يفضل تربية الذكور في أحواض مناسبة كاملة التهيئة و لوحدها في حين الإناث لا ضرر من تربيتها في أحواض .
- الأسماك الولودة:
هذه الأسماك بالغض النظر عن أشكالها لكن يفضل تربيتها ضمن إطارها الضيق ليس لشيء سوى أنها من الأسماك المشهورة بمشاكستها و قرضها لذيل و زعانف الأسماك و قتلها لبعض الأنواع.
لكن أغلب الرأي و المنظور العام هو أن هذه الفصائل تربى مع نفسها و أيضاً يمكن تربيتها مع الكوريكات و البايوتا (الكلاون و عائلته) و بعض أصناف البارب الأقل حدة و عدائية و ليس التايغر بارب بالأخص. و الديناو Dinno و الميناو Minnow و هما وجهان لعملة و احدة و هم من أصناف الأسماك النهرية و الجداول الصغيرة. طبعاً لا ننسى تأقلهما مع النباتات لكن ليس النباتات هدبية الأوراق لأنها عرضة للقضم و الأكل.
كما يمكن تربية هذه الفئة مع الراسبورا و بعض فئات الريبنوفيش خصوصاً التي لا تملك زعانف طويلة. و البليكوستومس
- أسماك البارب:
هي من الأسماك المسالمة القوية و التي أيضاً تمتع بقوة تحملها و حبها للمشاكسات و قرض الذيول و خلافه.
هذه الأسماك تتدرج في قوة مشاكستها ما بين العدائي إلى المتوسط فالطبيعي نوعاً ما و لكن لا ننكر الصفة الأساسية لأن الطبع غلب التطبع .
تتفق هذه الأسماك في كونها تتوافق مع البليكوستومس و الكوريكات و البايوتا و الولود (ليس جميع البارب) و الراسبورا و السيكليد الأمريكي بعض الأصناف و النباتات و القروش (مراعاة حجم القرش يحدد تواجدها) و بعض أصناف التترا كبيرة الحجم و الرينبوا فيش .
- أسماك الراسبورا و التترا :
تعامل معاملة واحدة فهي أكبر مجموعة سميكة تعددية و أكثرها تأقلماً مع بعضها و بعض الأنواع الأخرى أمثال الديسكس و الأنجل و الكوريكات و البايوتا و الريبنو فيش و الميناو Minnows وبعض فئات السيكليد الأمريكي القزم و خصوصاً النباتات و خلاف ذلك ستكون عرضة للأكل أو الموت.
مع مراعاة إنسجام هذه الأسماك مع الوسط المحيط فهي أسماك المياة العذبة بكل ما تحمله من الكلمة من معنى.
- الأنجل و الديسكس:
من السيكليد الأمريكي لكن ايضاً من أسماك المياة العذبة و المياة الحمضية؛ تربى فقط ضمن أحواض تعتمد على الحجم النهائي للسمكة ولا ننكر أن زوج واحد من هذه الأسماك يستطيع السيطرة المطلقة على حجم يقارب ما بين 80-100 لتر و هذا أساس إختيار المساحة المقررة للأحواض.
توافقها مع السيكليد الأمريكي القزم و الأسماك الصغيرة أمثال الراسبورا و التترا و الكوريكات و بعض أصناف البايوتا و الرينبوا فيش و بعض أصناف الميناو Minnows . لكن نوعاً ما لا يفضل دمج هذين النوعين إلا من قبل محترفين مع بعضهما البعض لتفوق الأنجل في الإستحواذ على المساحة أكثر من الأنجل و شراسة دفاعته المستمية.
- آكلات الطحالب :
تضم هذه الفئة ما يلي فصائل البليكوستومس و البايوتا و الألجي إيتر و الكوريكات.
طبعاً البليكوستومس و البايوتا نوعاً ما لا يفضل تربيتها مع النباتات لكونهما ذوو عبثية عالية نتيجة تحركهما السريع و أيضاً حب الأخير للحفر و التنقيب في الحصى و الشقوق فتقتلع النباتات ...
أفضل ثنائي للأحواض المزروعة هما الألجي إيتر و الكوريكات فقط.
أفضل سمكة للتخلص من الحلزونات هو البايوتا و خصوصاً الكلاون لوتش لقوة فكيه .
إنسجام هذه الأسماك يأتي مع أغلبية الأسماك عدا ما تم ذكره أعلى من نقاط.
البليكوستومس سمكة بداية الأمر و خصوصاً في صغرها تكون مسالمة لكن عند وصولها لطول يتعدى ال 10-12 سم يصبح بحد ذاته سلاح متحرك فتاك بسبب الحراشف القشرية الحادة لذا يستبعد من الأحواض المسالمة لكنها أيضاً يربى مع الشرس لكن ضمن إطار محدد بحيث لا يربى مع الأصناف الشرسة جداً كالأفريقي و بعض السيكليد الأمريكي ذا النزعة الهجومية لكونه إما يموت مقتولاً أو يموت جوعاً من خوفه.
و هو ينطبق أيضاً على الكلاون لوتش.
- السيكليد الأمريكي:
يقصد في هذا الأسم الأسماك الشرسة من السيكليد و ذات الأحجام الكبيرة مستثنيين منها السيكليد القزم و الأنجل و الديسكس لأسباب تختلف عن هذه الفصيلة.
طبعاً لا تربى إلا مع أبناء جنسها مع مراعاة بعض التجازوات من خلال دمج بعض الأصناف الشرسة الأخرى معها مع النظر لمسألة الشراهة و الحجم .
لا تربي السيكليد الأمريكي مع نظيره الأفريقي لهمجية الأخير مقارنة مع الأول و إختلاف أطباع و بيئة كل من النوعين.
في عملية تأسيس الحوض ينظر إلى السمكة و تعاملها كأنها سمكة بالغة لا سمكة صغيرة
في بعض الأحيان تتفق مع القروش نوعاً ما و الأسماك أمثال المونو و الدولار و الباكو و بعض أصناف الكات فيش ؛ يستثنى من هذه الفئة الفلاورهورن و الريد ديفل كونهما أسماك شرسة و قوية و مسيطرة لا تقبل منازع لها و خصوصاً الذكور منها.
- السيكليد الأفريقي:
من الأفضل تربية هذا الصنف مع نفسه حصرياً لإختلاف طبعه و حدة شراسته عن أبناء عمومته من السيكليد لكن هنالك بعض التجازوات في ذلك
حيث ممكن أن تربى مع المونو فنجر Finger Mono لكونه صعب المراس و يتحملها.
كما أنه ممكن أن تربى الأسماك الكبيرة منه مع بعض أصناف الكات فيش و السياميز فايتر أو المقاتل السيامي
لكن أيضاً يجب مراعاة الأحجام النهائية في ذلك.
- الكات فيش:
سمكة معروفة بنهمها و شراستها في بعض الأصناف و عدائيتها ؛ طبعاً يختلف كل نوع عن الآخر و يجب معرفة أساليب حياة السمكة قبل دمجها فمنها ما هو شكلاً وديع لكن ضمن قاتل عنيف.
الكات فيش معروف عنها إبتلاعها لأي شيء يصادفها لنهمها كما قلنا و فارق الحجم يلعب دور كبير في تحديد توافق هذه الأسماك ؛ هنالك أنواع لشدة شراستها لا تربى مع غيرها لتحفظات كثيرة و من أهم أمثالها الكلاريس كات فيش تلك السمكة الوديعة شكلاً و عنفها مع غيرها سواء أكان كبير أم صغير. لكن نعود و نقول هذه السمكة تربى حسب النوع فكل نوع له خواصه و منها يتحدد مع من تربى أو كيفية تربيتها. أي ليس هنالك قاعدة عامة لها.
- البيرانا و الأسماك اللاحمة الضارية:
تربى لوحدها فقط مع نفس بني جنسها و من أمثالها السينك هيد و البيرانا و البييارا و سمكة التمساح أو القار (Gar) و البفر رغم أنه أفضل الحلول للقضاء على الحلزون لكن ضمن حوض مفرغ من الأسماك الأخرى.
- الباتشير و الإنقليس (إييل - Eel)
الباتشير نوع من الأسماك يعامل معاملة خاصة كما هو الحال الإيل أو الأنقليس
يربوا مع التحفظ مع الأسماك الضخمة المسالمة مع مراعاة الطول و النظام الغذائي؛ بحيث لا تنزعج ولا تزعج و من الأمثال المونو و الباكو و الدولار و بعض الأصناف من الكات فيش.
- الأروانا:
تعامل معاملة خاصة بحيث قد تدمج مع بعض أصناف السيكليد الأمريكي متوسطة إلى ضعيفة الشراسة و الأسماك الكبيرة كالباكو و الدولار ولا يجب وضعها مع أسماك السطح القوية أو من أسماك القاع التي تصعد إلى السطح لإصطياد.
التوافق أخوتي عالم واسع لا يمكن حصره في منظومة من الصفحات القصيرة لأنه لو بالفعل حصر لكان مئات من الصفحات بل يمكن حد الوصول لمجلدات .
إختصرنا الكثير لكننا لا نهمل النقاط الأساسية.
التوافق هو أيضاً نتيجة دراسات و تتبع لمطالب هذه السمكة و حاجياتها و ظروف عيشها و طبعها و تأثيرها على البيئة المحيطة لا مجرد نظريات بل هي أسس و تجارب.
هنالك قاعدة تقول أنه يمكن تربية بعض الأصناف مع بعضها البعض حتى لو كانت من المجموعات الغير متجانسة لكن بالإعتماد على أن تربى الأسماك صغيرة (مرحلة الفراخ مع بعضها ) للتتأقلم مع غيرها و يعيشوا مع بعض بسلام و آمان لكن أعيد و أكرر أن الطبع غلب التطبع و ليست قاعدة مثالية عامة تطبق على الجميع و لكل قاعدة شواذها.
لكن أيضاً نوضح فكرة أن الأحواض و تربية الأسماك تتفق و مستوى السباحة الخاص لكل نوع فيقسم الحوض لثلاث مستويات:
- السطح
- الوسط أو القلب
- القاع
ولا ينبغي أن تربي أسماكك كلها ضمن مستوى واحد فتكثر فيما بينها المشاكل و النزاعات على أمكان السباحة بل حاول أن تنسق فيما بين أسماكك و مستويات سباحتها بحيث يحوي حوضك المستويات الثلاث و تبقى حرية السباحة متاحة للجميع.
كما إن لأحجام الأسماك دور كبيراً جداً في إختيار الحوض كما سبق و ذكرنا فلا تربي أسماك الأحواض الكبيرة في أحواض صغيرة و تقول عندما تكبر نغير الحوض بل دع إختيارك من البداية كبيرة حتى تيتح لأسماك الفرصة في النمو السليم و حرية السباحة...
هذا ما أمكننا قوله في هذه المحاضرة بإكبر قدر ممكن .... راجياً أن تكون محاضرة مفصلية و مهمة لكم جميعاً...